حريق القاهره تسبب فى تدمير فندق شبرد وبنك باركليز وصفوة المتاجر الكبرى ومعظم دور السينما، يوم 26 يناير 1952 ليندلع الحريق في 217 مؤسسة عامة مصرية وأجنبية ويلتهم بعض موظفيها ونزلائها.
كشف الدكتور عبدالمحسن حمودة وكيل «الطليعة الوفدية»، عن الشرارة التي بدأت بسببها أحداث حريق القاهرة، قائلا: «بدأ منذ أكتوبر عام 1951، حينما قرر النحاس باشا إلغاء معاهدة 1936 مع الجانب البريطاني، وكان ذلك إيذاناً ببدء حركة المقاومة ضد الإنجليز، وخلال أسابيع قليلة ارتفعت وتيرة المقاومة حتى مقاومة بلوكات النظام في الإسماعيلية لجبروت القوات الإنجليزية التي طالبتهم بتسليم أنفسهم يوم 25 يناير 1952، وفى اليوم التالي وقع حريق القاهرة».
بدأت المأساة في الثانية من صباح يوم 26 يناير عام 1952 بتمرد عمال الطيران في مطار ألماظة «القاهرة»، ورفضوا تقديم الخدمات لأربع طائرات تابعة للخطوط الجوية الإنجليزية، تبعها تمرد بلوكات النظام «البوليس» في ثكنات العباسية تضامنًا مع زملائهم الذين تعرضوا للقتل والأسر في الإسماعيلية، بحسب موقع «faroukmisr».
زحف المتظاهرون تجاه الجامعة وانجرف معهم الطلبة، واتجهوا إلى مبنى رئيس الوزراء مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وإعلان الحرب عليها، فأجابهم عبدالفتاح حسن وزير الشئون الإجتماعية، بأن الوفد يرغب في ذلك ولكن الملك يرفض، فقصد المتظاهرين قصر عابدين وانضم إليهم طلبة الأزهر وتجمعت حشود المتظاهرين الساخطين على الملك وأعوانه والإنجليز.
وما أن انتصف اليوم حتى بدأت الشرارة الأولى للحريق من ميدان الأوبرا بإشعال النيران في كازينو أوبرا، وانتشرت النيران في فندق شبرد ونادي السيارات وبنك «بركليز»، وغيرها من المتاجر ومكاتب الشركات ودور السينما والفنادق والبنوك، وكان التركيز على الأماكن والملاهي الليلية التي ارتبطت بارتياد فاروق لها والمؤسسات ذات العلاقة بالمصالح البريطانية.
وطالت الحرائق أيضًا أحياء الفجالة والظاهر والقلعة وميدان التحرير وميدان محطة مصر، وسادت الفوضى وأعمال السلب والنهب، حتى نزلت فرق الجيش إلى الشوارع قبيل الغروب، فعاد الهدوء إلى العاصمة واختفت عصابات السلب والنهب، وأعلنت الحكومة الأحكام العرفية، ولكن لم يتم القبض على أي شخص في هذه اليوم.
وأضاف جمال حماد في كتابه «أسرار ثورة 23 يوليو» ذكر عدد 26 شخصًا قتلوا في ذلك اليوم، 13 في بنك باركليز، 9 في «الترف كلوب»، والباقي داخل بعض المباني والشوارع، كما دمرت النيران ما يزيد عن 700 منشأة، ما بين محلات وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة، أكبر وأشهر المحلات التجارية في مصر آنذاك مكتبًا لشركات كبرى و117 مكتب أعمال وشقق سكنية و13 فندقًا كبيرًا، مثل شيبرد ومتروبوليتان وفيكتوريا، و40 دار سينما منها ريفولي وراديو ومترو وديانا وميامي، و8 محلات ومعارض كبرى للسيارات و10 متاجر للسلاح و73 مقهى ومطعم وصالة، و92 حانة و16 ناديًا، أي أن النيران أحرقت كل المظاهر الحضارية للقاهرة وشلت كل مراكز التجارة بها.
في نفس التوقيت كانت هناك حفلة ملكية، واتصل فؤاد سراج الدين وزير الداخلية آنذاك، بالملك يطلب منه الاستعانة بالجيش للسيطرة على الحريق ، والغريب أن حيدر باشا وزير الحربية آنذاك، تلكأ في التدخل سواء بسبب الرغبة في إحراج الحكومة وترك الموقف يتفاقم أكثر من سيطرتها، أو لأنه كان مشغولا في الاحتفال.
وأشار حمودة «الاتهام ينحصر بين الملك والإنجليز، ولكل منهما مصلحته في ذلك، فهما أرادا التخلص من الحكومة الوطنية التى سببت لهما أرقاً على مدى عامين، والتى يتزعمها النحاس باشا».
وأضاف «الحريق تم بشكل احترافي، وبأسلوب واحد تقريباً في مختلف المواقع، وبكل المقاييس أصحاب المصلحة عديدون»، واختص بالذكر «الإخوان.. وكل القوى الرجعية التي سعت لتدمير الوطن»، على حد قوله.
يقول الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «أنا مش معتقد لغاية هذه اللحظة إن عملية حريق القاهرة بدأت بتدبير مقصود على هذا النحو، لكن أنا باعتقد إنه كان ركام وعود كبريت قرّب من الركام والدنيا ولعت، لكنه أظن إنه العفوي فيه ابتدأ ثم دخل الجزء المنظم».
انتهز الملك فاروق هذا الحدث الجلل وحمّل وزارة النحاس مسئولية ما حدث، وأقالها في يوم 27 يناير 1952، وكلف علي ماهر بتشكيل الوزارة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق